موضة و ازياء

قصة إصرار ،،

israr

في دولة الرجال حاولت أن أتصنًع رجولة الأنثى بحكم الظروف التي مررت بها وفقدان وجود الرجل الحقيقي ولكن مع مرور السنين تجلى لي بأن الأنثى أساس كل نجاح سواء كان لرجل أو امرأة فكفاني شرفاً كوني أنثى ،،





في بداية الثمانيات ولِدتُ في عالم مملوء بالبساطة والطهر في مكة المكرمة وتدريجياً مع مرور السنوات حاولت أن أزداد فهماً ووعياً للعالم من حولي وتعقيداته ابتداءً من حرب الخليج إلى الثورات العربية و أحداث سورياً مؤخراً سياسياً ومواكبة التسارع الالكتروني والرقمي من جهاز ( الأتاري ) إلى أجهزة شركة أبل ( الآيفون والآيباد ) و بمعاصرة عهدين لعظيمين : عهد الملك فهد آل سعود رحمه الله وعهد الملك عبد الله آل سعود أطال الله بعمره ، كل ذلك شكل في شخصيتي وأفكاري تنوع رهيب ونقله نوعيه وخبرة لها رونق خاص لا تكون إلا لمتعمق في التأمل وحكيم معتزل ،،

أنهيت دراستي الثانوية وكلي وعي بأن الآتي ليس بأسهل مما مضى ولكنني أعدت أسلحتي البسيطة المكونة من : موهبتي الكتابية وحبي للقراءة من صِغري وشغفي بالتكنولوجيا والتواصل الإلكتروني للعالم والمعرفة من مجرد شاشة ، بدأت بطرق أول باب مصادفة عبر مجلة حياة للفتيات ونشرها لأول خاطرة لي بعنوان ( حكاية عاشقين ) وانتشرت بشكل مهول عبر المنتديات ومواقع الإنترنت دون ذكر أي حقوق لي مما صدمني حقيقة وشعرت بحرقة على وصولي للسرقات الأدبية من أول محاولة و مما خفف وطأة الأمر علي إشادة صديقاتي في الكلية ونشرهم لها عبر نشرات الكلية وهنا أيقنت بأني أملك شيء مميز بجودة تستحق الاستمرار فكررت المحاولة وبالإضافة إلى نشر خواطري وفِقْت في العمل مع مجلة حياة للفتيات في فريق الفراشات وبهذا أتممت أول صفقة لي في بداية العشرينات من عمري ولم انته من دراستي الجامعية ،،

نجاح قلمي أعطاني قوة وهالة من الإيجابية بأنني أملك الكثير وأصبحت أكتشف كل ما يمكنني تقديمه والكسب منه سواء كان الكسب مادي أو عبر شهادة خبرة و بذلك أكون بمنئى عن شبح البطالة التي تجتاح كل شاب وشابة نتيجة عدم توافق مخرجات التعليم مع سوق العمل فبجانب عملي في مجلة حياة أخذت دبلوم حاسب آلي ودورة الإدارة المدرسية ( معارف ) و عملت في إعداد العروض التقديمية عبر برنامج ( البوربوينت ) وكتابة تحضيرات الدروس للمعلمات على برنامج ( الوورد ) مقابل مبلغ مادي بسيط جداً وصممت لي كرت شخصي بسيط وتم توزيعه لهذا الغرض لأنه في ذلك الوقت كانت بداية إدخال الكمبيوتر للمدارس وبدأ التفاخر بمن يعمل على الكمبيوتر ناهيك عمن يقدم العروض والدروس بهذه الطريقة فكان المعلم المتميز !!

بجانب تطوير وصقل مواهبي لم أتهاون عن إكمال دراستي الجامعية في الكلية فتخرجت بحمد لله بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف وبذلك أجد نفسي أمام الحياة العملية الحقيقة فأعددت بعدها أول سيرة ذاتية لي من تصميمي وبدأت التقديم بكل الطرق وأضفت أسلحة جديدة لذخيرتي العلمية باكتساب بعض الدورات لحين الحصول على وظيفة والتي كانت عبارة عن 3 دورات عبر الموقع الالكتروني ( مهارات النجاح ) على الإنترنت ( بطريقة التعليم عن بعد ) والتي كانت موقعه من الموقع فقط دون أي اعتماد خارجي ودورة مجانية مقدمة من الإدارة العامة للتدريب المشترك بعنوان ( أخصائية استقبال ) وبحمد لله حاولت بقدر ما يمكنني الموازنة بين كسب الخبرات العملية والعلمية لأضع قدمي بعدها على أول وظيفة رسمية لي في مدرسة أهلية كمعلمة للصفوف الابتدائية وبعد أول فصل دراسي علمت بأن التدريس ليس ما أرجوه بالرغم من حبي وإجادتي للتعامل مع الصغار فقدمت استقالتي وأكملت مسيرتي العلمية وأضفت اللغة الإنجليزية ودورة البريد الإلكتروني و مقدمة برنامج ( الفلاش ) فقمت بتحديث سيرتي واستمررت في التقديم و البحث عن الوظيفة التي أجد نفسي فيها لأن طموحي يزداد مع اتساع ثقافتي وخبرتي ومهاراتي ،،

البحث عن عمل وفق بعض الضوابط كعدم الاختلاط ومكان غير نائي كصفقة وفرصة تحتاج لواسطة وصبر وحرصت بأن لا أفوت أي فرصة وجهد في محاولة إثبات ذاتي وصنع وظيفتي بنفسي وطرق كل الأبواب فقد اضطررت إلى قبول العمل في شركة تسويق وبعد أسبوع من توقيع العقد تم إبلاغي بعدم استمرارية الشركة ولم أستسلم عملت بعدها في شركة تسويق أخرى كانت مجرد كذبة كبيرة حيث أنها كانت جامعة وهمية ولم أكتشف ذلك إلا متأخراً و بعد مضي ثلاث أشهر في الشركة وبدوامين ودون توقيع أي عقد استقلت للمرة الثانية ومضيت في البحث عن عمل من جديد ،،

وبدأت البعثات للخارج و قدمت في بعثة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود وتم ترشيحي وقبولي للبعثة ولكنني لم أستطع إكمال الإجراءات لعدم وجود محرم حيث أنه لا زوج ولا أخ لي ووالدي مريض ولا يقوى على السفر في تلك الفترة و أساءني ذلك كثيراً و فقدت فرصة مميزة لسبب خارج عن إرادتي ،،

و كانت فرصة ذهبية لم أدعها تفوت عندما تلقيت اتصال لمقابلة وظيفية في شركة كبرى معروفة وهنا بدأ الحظ يمدني بطاقة وثقة بأن خطواتي كانت على بساطتها مصدر فخر لي لأنها قادتني إلى طريق النجاح وبالرغم من كون الوظيفة بدوام جزئي وعلى نظام ( الشفتات ) وحسب الاحتياج قبلت بها وكانت وظيفتي الرسمية الثانية كموظفة خدمة عملاء و لم تكتمل سعادتي وفرحتي بالحصول على الوظيفة فالعقبات لم تكن سهلة فالتواصل مع العملاء من جميع الجنسيات والأعمار واللهجات لم يكن بالأمر الهين بالإضافة إلى أن فكرة عمل المرأة حينها وتواصلها مع الرجال كان مستهجن و نادر جداً وبحدود ضيقة ،، مواجهة الثقافات والأفكار و التقيد ببرتوكولات جودة تتحكم بكل كلمة تنطق بها وأرقى أسلوب وردة فعل سرعة بديهة وكونك أول شركة توظف سيدات في قطاع خاص للتواصل مع العملاء يولد الكثير من المواقف وردود الفعل المختلفة والمتنوعة والمضحكة كل هذه المعايير الدقيقة جعلت شخصيتي على قدر عالي من المرونة والتحمل والصبر والذكاء ولكن لابد من التغيير وبأن الحياة لا تدوم على وتيرة واحدة و تعرفت حينها على كلمة (business need ) فبعد 7 شهور في خدمة العملاء انتقلت إلى قسم آخر لتميزي وكوني من أفضل الموظفات وكنا نتقاضى على ساعة العمل 35 ريالاً ولكنها انخفضت إلى 25 ريالاً للساعة ورضيت لم يكن لي خيار آخر وليس من عادتي الاستسلام بسهولة ومع نهاية عام 2010 كان أمامي تحدي أصعب فإما الاستمرار في الشركة ولكن أن يتحول العقد العمل مع شركة تشغيلية أو الاستقالة وترك العمل واخترت الخيار الأول لكونه الأسلم فالشواغر الوظيفية في الشركات والأماكن الأخرى قليلة ولا تخلو من الواسطة وعمل المرأة بحد ذاته يشكل تحدي صعب و محدود المجالات وخاصة في بلد شرقي ملتزم ،،

مع تغيير العقد والشركة تغير كل شيء أنخفض الراتب بشكل ملحوظ ولكن تم إضافة التأمينات الصحية لنا وسياسات ثابتة وبعيداً عن الخوض في السلبيات والإيجابيات التي تغيرت وتطورت مع مرور السنوات أكملت مسيرتي في الشركة بثبات وجدارة بالرغم من أنني حزنت لرفضي لواسطة تثبيتي في الشركة الأساسية لأني كنت على ثقة بقدراتي ولكن قدر الله وما شاء فعل فمن موظفة في قسم الترحيب إلى موظفة تحصيل ومشرفة على القسم لفترة مؤقتة والعمل على مهام المشرفة في فترات أخرى متقطعة حسب حاجة العمل ومع كل المهام المناط العمل بها كنت من أفضل الموظفين في الشركة لأكثر من شهر وباستمرار و حتى عندما كنت مشرفة على الفريق فلقد كان شعور رائع أن ترى ثمار نجاح وتميز فريقك أمامك لا سيما بعد إثبات مكانتك في الشركة ولكن فقدان التشجيع والتقدير يحطم كل الجهود والامتيازات التي تمكن الموظفة من الإبداع والتطوير وخاصة عندما يتم التفرقة بين الموظفات على أساس معايير شخصية و عنصرية والتركيز على العمل دون مراعاة لحقوق الموظفة من مسمى وظيفي أو حافز شهري مجزي مقابل ما يبذله من تعب وإضاعة مجهوداته ليستغلها أشخاص آخرون وإن تحدث ودافع عن حقوقه تم اتهامه بأنه سبب في المشاكل ويتم ترصده في كل صغيرة وكبيرة باحثين عن الكبوة التي غفل عنها الجواد وتستمر الحياة لأن الحاجة هي من تقودنا وتطور مهاراتنا وتصقل قدراتنا !!

و مع تتويج خبرتي في الشركة وإكمالها للست سنوات ونيف لم أنس تنمية الجانب المعرفي والثقافي فمع استمرار القراءة ولكن بنسبة أقل عن الماضي حصلت على العديد من الدورات وهي : دورة ( آمن ) الخاصة بأمن المعلومات و دورة ( التميز الوظيفي ) وأكملت 5 مستويات في اللغة الإنجليزية لدى ( مركز الخليج ) ودورة ( فهم الشخصيات ) و دورة ( الخرائط الذهنية ) وعلى الصعيد الأدبي وبالرغم من توقفي لفترة عن الكتابة ولكنها أبت أن تفارقني فكانت تجري في دمي فأنشئت مدونتي وجمعت فيها كتاباتي وتصاميمي كمرجع ثابت وأصبحت كاتبة قي شبكة أنثى وبدون مقابل مادي للحصول على الخبرة و تطوير مهاراتي الأدبية لتكون مرنة ومتوافقة مع لغة العصر ،،

بحمد لله كل جهودي و صبري لم يضيع سُدى وإن لم يكن كل ما حصل لي جميلاً وإيجابي فإني دائماً أُحب إظهار الإيجابيات فقط لتشجيع نفسي ولضمان استمرار تقدم خطواتي وعدم تأخرها وإن كانت بطيئة جداً فإني أختار دوماً أخف الضررين ،،

كذلك لا تخلو الحياة من السلبيات والضغوط والأمراض عقبات التي تجعلك تقف متأملاً مكانك الحالي ويصيبك الإحباط واليأس وخاصة إذا قل من يشجعك وندر وأصبحت الضغوط تزداد كلما رأت قدرتك على تحملها على قدر عالٍ من المرونة ،،

فقد كان نصيبي منها ليس بالقليل : عملية زراعة عدسة للعينين لشدة ضعف نظري ولم يتم تصحيحه كاملاً حتى بعد الزراعة ، فتن ومشاكل الحسد والغيرة والحقد والظلم والمقارنات وخاصة في مجتمعات العمل النسائي ، ضغوط العمل التي تُحلل كل ريال تأخذه لآخر رمق وجهد ممكن أن تقدمة بالإضافة إلى المماطلة في حل المشاكل وتأخرها ، المعاناة في سيول جدة الأولى والثانية والتوقف عن الحياة والعمل لفترة و محاولات تعويض الأضرار النفسية والمادية ، المشاكل الأسرية وضغوطها المتنوعة وتزايد الاحتياجات وخاصة مع غلاء الأسعار وعدم وجود أخ يساعد أو يكون ظهر وسند لخمس بنات كانت أمي هي النسخة الأولى من تضحياتنا وتربيتنا والمعيل الوحيد لنا طوال فترة عملها حيث أنها تركت إكمال دراستها لتصرف علينا و حرمت نفسها وكافحت من أجلنا الكثير وفضلتنا على راحتها وخاضت الحروب والمشاكل و تمسكت بنا بضراوة عن كل ما يمسنا بسوء بينما أفنى التدخين شباب والدي ولم يرحمه حتى بعد كبره تم بتر قدمه بسببه والآن بدأ الوهن والأمراض تعتري والِدَيّ وليس لنا سوى التمسك بما في اليد وتحمل جميع المشاق لتوفير وتغطية الأقساط والالتزامات التي تنهش رواتبنا فليقوي الله ضعفنا ويجمع كلمتنا وقلوبنا ويصبرنا فالمؤمن مبتلى في أقرب الأقربين،،

فقدان الرجل في حياتنا لم يزدنا سوى قوة وصلابة فكانت كل واحدة منا بعشر رجال تحملنا المسؤولية من صغرنا لله درك من أم عظيمة أسأل الله أن يبلغنا برك و رد بعض مما حرمك به الفساد في هذا المجتمع وينصرنا على من ظلمنا ويحبب عباده فينا بحوله وقوته ،،

 




اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *