سعوديات

بنات الريف تغيّرن تجاوزن ثقافة «ما لها إلاّ بيتها» وأصبحن شريكات في بناء الوطن

بنات الريف تغيّرن  تجاوزن ثقافة «ما لها إلاّ بيتها» وأصبحن شريكات في بناء الوطن

أنثى/ وسيلة الحلبي




لقد تغيّرت مفاهيم المجتمع تجاه بنات الريف، وتغيّرت نظرة الوالدين تجاههن، وبدأت رحلة البحث عن الحضور والمنافسة وتحديداً حين نجد فتيات يصلن إلى المدينة طمعاً في دراسة تخصصات ينشدها سوق العمل، أو فضلن العيش في سكن الطالبات في جامعات المدينة انها فتاة القرية  الطيبة الخجولة نهضت ، واشرأبت وتعلمت ونجحت واستطاعت أن تتجاوز كثيراً من العقبات، وثقافة ما لها إلاّ بيتها، وأصبحت تتصل بعالم آخر كانت على موعدٍ معه مع بنات المدينة لينهض الجميع في خدمة الوطن فلاغرابة أن نجد فتاة من قرية تكاد لا تذكر نجدها اليوم مبتعثة إلى أرقى الجامعات في العالم تدرس الطب، أو الهندسة، وتواصل دراساتها العليا، وتنافس الرجل، وربما تفوقت عليه في بعض التخصصات.

هكذا أصبحت بنات  الريف لا ينقصهن شيء علماً وخُلقاً ووعياً، وخرج من بينهن قدرات هائلة.. الطبيبة والممرضة والمعلمة والصحفية. ولم يتوقف تطور فتاة الريف على الصعيد العلمي فقط، بل استطاعت لفت بنات جيلها إلى مظهرها الخارجي من خلال مجاراتها للموضة، عبر دخول التكنولوجيا في القرى، وهو ما أحدث نقلة في حياتها، وأصبحت تحاكي وتنافس أخواتها بنات المدينة ونجحت في ذلك، وأصبحت تبحث عما هو جديد، بل وتصمّم بنفسها أحدث الموديلات. فهاهي الأستاذة هند القرزعي رئيسة قسم نشاط الطالبات بمحافظة عنيزة سابقا تثني على فتيات الريف من خلال عملها وإشرافها على مدارس تعليم البنات، موضحة أنها لاحظت تغيراً جذرياً طرأ على الفتيات في القرية، من خلال المشاركة في كافة الأنشطة، وكذلك حماسهن في إبراز مواهبهن، حيث أنتجن أعمالاً غاية في الدقة والجمال، مبينةً أن لديهن روح المنافسة وطرق كافة أبواب الفرص التي تثري مواهبهن،وأكدت هند القرزعي على أنها تتبعت بنفسها كثيرات في مراحلهن الجامعية، حيث واصلن تعليمهن ونثرن إبداعهن بتميز، ومنهن من التحقت بمعاهد مهنية وكليات تقنية، ذاكرةً أن كثيرا منهن أكملن مشوارهن التعليمي وحصلن على الماجستير والدكتوراه من داخل المملكة أو خارجها، حيث لم يعقهن عائق، وشققن طريقهن بكل اقتدار.

وذكرت الجازي العتيبي أن المفاهيم تغيرت لدى أفراد المجتمع في الوقت الحالي، بل وتغيرت نظرة الوالدين بالذات تجاه أمور كثيرة تتعلق بأبنائهم، سواء ما يخص التعليم أوغيره، وأوضحت أنه في السابق كان لدى الأغلبية قلة وعي في أهمية الدراسة للبنات، معللين ذلك أن لا مستقبل ينتظرهن كالبنين، مبينةً أن البعض يرى تزويج الفتيات في سن مبكرة أفضل للفتاة ، وآخرون يعتقدون أن خروج الفتاة من المنزل هو عيب ومناف للأخلاق -حسب نمط الأسرة السائد في ذلك الوقت-، مشيرةً إلى أنه أدت التنشئة الاجتماعية إلى حرمان الفتاة من التعليم ومن ممارسة حقوقها المشروعة، لكنها دافعت عن حقها في التعليم واستطاعت الوقوف في وجه التقاليد، وسعت إلى تطوير نفسها، مستغلةً ذكائها الفطري واستعدادها الطيب للتعليم، إضافةً إلى مساعدة الوالدين والأسرة في محاولة تقبل مواصلة تعليمها وتطوير نفسها، كما أن الأهل أصبح لديهم وعي بأهمية تعليم الفتاة وتشجيعها وعدم الوقوف في وجهها ضد تطوير نفسها في كل مجال وقالت فردوس سالم صاحبة مشغل أصبحت في الزمن الحالي فتاة الريف تتساوى مع فتاة المدينة في كل شيء، بل وتتفوق عليها أحياناً، مضيفةً أن مديرة المشغل الذي تملكه هي فتاة من الريف، وتعمل لديها منذ خمس سنوات، وحاصلة على العديد من الدورات التدريبية المختلفة، مشيرةً إلى أنها تعمل بجد ونشاط على الرغم أن المسافة كبيرة بين منزلها والموقع، إلى جانب إتقانها فنون الحاسب، وأسهمت بشكل كبير في تطوير المشغل من جميع الجوانب وفي كافة الخدمات، إضافةً إلى أنها تساعد العميلة وتشاركها في تحديد نوع الخدمة التي تناسبها، سواء فيما يخص تصميم الموديلات، أوتسريحات الشعر أو الماكياج وغيرها، مؤكدةً على أنها تثق بذوقها وأدائها في العمل، وهو ما أسهم في ثقة العميلات بالمشغل.

أما هدى العبدالله وكيلة سابقة لمجمع المريدسية للبنات التابع لمنطقة القصيم  فقالت منذ أن التحقت بالعمل في المجمع لم أجد أي فارق بين طالباته والطالبات داخل المدينة، وكنت أعمل في مدينة بريدة ثم انتقلت الى قرية المريدسية ثم إلى محافظة عنيزة، ولم أشعر أنني انتقلت من قرية إلى مدينة مطلقاً، لافتةً إلى أنه عند التحاقها بالعمل داخل المجمع توقعت أن تُشاهد ما كانت تحمله من معلومات عن الفتاة في القرية، وعن حياتها بوجه عام، لكنها ذُهلت مما رأته من انفتاح وتطور في كافة مناحي الحياة، مما أثلج صدرها. وأضافت أن الفتاة هناك مقبلة على التعليم، وقد أبدعت في مجال الأنشطة المنهجية واللامنهجية، كما أنها تشارك في تفعيل المناسبات والمهرجانات المختلفة على مدار العام بأعمال يُفتخر بها، إضافةً إلى مشاركتها في كافة المسابقات التي تنظمها المنطقة، حيث تحتل وبكل فخر مراكز متقدمة. كما أكدت أفراح الدهيمان أن فتاة الريف لم تكن تعرف عن الموضة شيئاً، حيث كانت الأم تتولى توفير ملابس ابنتها ، غير آبهة باللون أو الشكل أو مناسبته لعمرها، مضيفةً أنه لم يكن هناك من ينظر إلى رأيها في اللباس، إلاّ أنها أصبحت الآن بعد مواصلتها التعليم والاحتكاك بالفتاة في المدينة إلى جانب العنصر المهم وهو غزو التكنولوجيا، الذي أحدث نقلة في حياتها فجذبتها المدنية، وأصبحت تحاكي وتنافس وتقارن، وأصبحث تمثل الفتاة الجديدة، وحاولت الخروج عن المألوف وفق الضوابط الشرعية ونجحت في ذلك، وأصبحت تجاري الموضة وتبحث عما هو جديد، بل وتصمّم بنفسها أحدث الموديلات.




اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *