سعوديات

الورث مابين المصيبة و الراحة مابعد الموت

الورث مابين المصيبة و الراحة مابعد الموت
الورث مابين المصيبة و الراحة مابعد الموت

أنثى/ تحقيق/ وسيلة الحلبي

بعد شيوع قصص الخلاف التي تنشب بين الورثة بعد وفاة المورث وانتشارها في المجتمعات وما تضيفه الخلافات من مشاكل بين الأخوة والأخوات  يرى الكثيرون أهمية  توزيع تركة الأب قبل وفاته . ولكن الكثيرين اختلفوا حولها أيضا يقول الدكتور ماهر أبو عامر  خبير العلاقات الاجتماعية : بعض العلماء قالوا إن توزيع التركة قبل وفاة صاحبها لا يجوز شرعا، والبعض أجازها على أن تكون للذكر مثل حظ الأنثيين ، وهناك من يرى أنها تقسم بالتساوي بين الأبناء، وتصبح في هذه الحالة كالهبة والعطاء ومن الوجهة الاجتماعية فيقول أبو عامر: ربما يؤدي تقسيم التركة في حياة الوالد إلى مفسدة كبيرة ، لأنه ربما يصبح الوالدان ألعوبة في يد الأبناء، خصوصا إذا وقع في العقوق، وفي هذه الحالة يجد الآباء أنفسهم مجردين ولا يدرون ماذا يفعلون.  ويضيف أن بعض الآباء يرى في ذلك هروبا من الشرع ويقول الداعية عبد المحسن الذكي : هذه التركة لا يمكن أن تسمى إرثا، فالإرث يكون بعد موت مورثه وأي صورة تخالف ذلك لا تجوز شرعا
لكان واقع الحال يقول : إن بعض الآباء يخشى على أولاده المنازعة بعد وفاته، فيجمعهم ويقسم بينهم تركته خصوصا في الأصول الثابتة كالعقارات وغيرها ويرضي جميع الأطراف ، وبعد أن يقوم الأب بالتوفيق بين أبنائه، يكتب بذلك عقودا ويحتفظ بها عنده حتى وفاته، وبذلك يكون ضمن أنهم لن يتخاصموا ولن يشب بينهم الخلاف بعد وفاته. وهذه الطريقة أصبحت من الأعراف الاجتماعية التي يرتضيها الكثير من أولياء الآباء ومن الأبناء أيضا، حيث يتدخل فيها الفضل والتراضي بين الأخوة إرضاء لوالدهم. وتقول التربوية الأستاذة رجاء عايدية أن تقسيم التركة بين الأولاد في حياة الأب مما يحفظ العلاقة بين الأخوة في المستقبل فكرة جيدة ، ويضمن استقرار أفراد الأسرة و أضافت أنا شخصيا حصل هذا معي وقد جمعنا أبي وتراضينا على هذا. وتضيف:  لكنني أرى ألا يخلي الأب نفسه تماما فقد يتغير الأبناء ويقع العقوق لا سمح الله ، لذلك لابد للأب من الاحتفاظ لنفسه بقدر من المال يعيش منه في سعة، بدلا من أن يتسول من أبنائه أو يعقوه. وتتفق معها الحاجة أم عيسى  التي قالت تركت زوجي يكتب لأولاده في حياته وقبل ذلك لابد أن يكون الأب هو القاضي والحكم خلال حياته، وعادلا، ويتقى الله في توزيع تركته، ولا يجوز أن يساوي بين الأبناء والبنات عند توزيع التركة إذا كان التوزيع جائز قبل الموت.   لكنه شعر أنه لو لم يكن هناك توافق بين الأشقاء فإن الخلاف سيقع حتما، لذلك ألغى كل ما كتب لهم، ويقول الدكتور يوسف البدري عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين : إن الله تعالى ترك أمر الميراث لما بعد وفاة المورث ، يقول الله تعالى “كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ”، هذه الآية نُسخت بآية المواريث الموجودة في سورة النساء “يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا*وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ”سورة النساء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا إن الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث”رواه الترمذي وصححه الألباني، فلابد من الالتزام بالمواريث كما جاءت في سورة النساء، ولا وصية إلا لمن لا يرث وهي الوصية للأحفاد الذين مات أبوهم في حياة جدهم. فإذا أراد الوارث الأب أن يوزع تركته قبل وفاته، فهذا مكروه شرعا، لأنه لا يدري متى يكون العمر، وربما يطول به العمر، وبالتالي فإنه مكروه ولا أقول محرم . وإن كان ولابد أن يوزع على أبنائه في حياته، فسيكون على سبيل المنحة أو الهبة أو العطية، وهنا لابد له من المساواة التي قد يخالفها بعض الآباء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ساووا بين أولادكم”ضعفه السيوطي و الألباني، و في الحديث الصحيح:”اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم”رواه البخاري ومسلم، فإن فعل فلابد أن يعدل بينهم، وأن يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وهو أمر مليء بالمحاذير لأنه ربما يموت أحد الأبناء قبل وفاة والده، أو ربما كان أحدهم سفيها، فالأفضل أن يترك الميراث إلى أن يموت الأب.
وإذا حصل خلاف بين الأبناء، فهناك المحاكم الشرعية تقوم بدورها في الفصل بين المتخاصمين، وهذا هو الأفضل خروجا من كل خلاف ومنازعة.







اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *